کد مطلب:370273 سه شنبه 23 مرداد 1397 آمار بازدید:637

الفصل الثانی ترکیبة الخوارج












الصفحة 122












الصفحة 123


ما لابد للباحث من معرفته:


إن من الأمور الواضحة والمعروفة: أنه إذا كانت فئة من الفئات ذات كیان متكامل، ولها شخصیتها وأصالتها، ویعرف كل واحدٍ من أفرادها موقعه، وحجمه، وواجباته، ثم هی تملك القیادة الحكیمة والمجربة، والموثوق بها..


وفوق ذلك كله.. لها أطروحة تَعْرِفُ أوّلها وآخرها، وقد اجتمعت علیها قلوبها، ومشاعرها، وارتبطت بها ارتباطاً وجدانیاً وعاطفیاً، بالإضافة إلى توفر القناعة الكافیة بها، من خلال ما رضیته لنفسها من أدلة وشواهد.. ویكون كل آحاد تلك الفئة على استعداد لتقدیم التضحیات الجلى بالمال وبالنفس فی سبیلها، حیث یملكون قدراً كافیاً من الوعی لتلك المبادئ، والمعرفة بآفاقها والانصهار فیها.


نعم.. إن فئة لها هذه المواصفات، یمكن الاعتماد علیها، والتعامل معها على أساس ثابت، ولا توجد مشكلات خطیرة فی ذلك..


وأما حین یكون لكل واحد من أفراد تلك الفئة له أهداف، وطموحات، تختلف عن أهداف وطموحات الباقین. ولا یرتبط بالآخرین إلا من خلال، ما یجد فیهم من وسیلة ناجحة یمكن












الصفحة 124


استخدامها فی سبیل تحقیق ذلك، وكذلك حین لا یكون ثمة أطروحة جامعة واضحة المعالم، أو كانت ولكن لا یوجد قدر كاف من الاستیعاب لها، والتفاعل معها، والانصهار بتعالیمها، ولا یرید أحد منهم أن یقدم فی سبیلها شیئاً، بل یریدها هی أن تكون من أجله وفی خدمته، وأداة لتحقیق مآربه الشخصیة، واذا لزم الأمر فلا مانع من التضحیة بها فی سبیل تلك المآرب.


وحین یكون كل واحد من الناس لا یعرف موقعه ولا حجمه، بل هو الذی یعطی الحجم لنفسه، ویستولى ـ إذا قدر ـ على جمیع المواقع، أو على أی موقع تسنح له الفرصة ویواتیه الظرف للاستیلاء علیه.


وكذلك حین یكون مستوى الوعی متدنیاً إلى حد لا یمكن لهم تمییز الخطأ من الصواب، والحق من الباطل، بل یصبح المعیار فی ذلك هو الأهواء، والمصالح الخاصة، والانفعالات والعواطف، والطموحات والأمانی..


وكذلك حین یكون التباین بین أفراد هذه الفئة هو الحاكم والمهیمن، فلا یجد أحدهم ولا یحس بشیء یربطه بأخیه، أو یدفعه لأن یتكامل معه..


وحین لا یكون من هو فی الموقع القیادی قد جمع المواصفات المطلوبة، ولا حصل على درجة كافیة من الإعداد، ولا بلغ ذلك المقام بصورة طبیعیة، من دون طفرة، أو استئثار ظالم..


وحین یكون الجهل والتخلف، والنزق، والأهواء، والانفعالات هو المهیمن على كل المواقف والحركات..












الصفحة 125


نعم.. إنه حین یكون الأمر كذلك، فلابد أن نتوقع لهذه الفئة كل شر وبلاء، وتعب وعناء، وأن تكون عرضة للزلازل الخطیرة، وللفجائع العظیمة.. مادام أنها لابد وأن تجد نفسها إما ألعوبة فی أیدی أصحاب المهارات والخبرات، والذین یملكون الثروة ومصادرها، والإعلام وأدواته، والسلطة وقدراتها. ولا یحجزهم حاجز عن الظلم فی سبیل الحصول على الأطماع، ولهم باع طویل فی المكر والخیانة والخداع.


أو تجد نفسها قد أقدمت على أمور مهلكة، وتتخذ مواقف لا تنسجم مع منطق الحكمة والتعقل، وتندفع فی متاهات ومنحدرات خطیرة، لا تستطیع الخلاص منها.


وذلك بسبب فقدان الوعی الكافی، وعدم التروی، وقلة التدبر، وعدم التفكیر بالعواقب..


هذا كله بالإضافة إلى أنه: حین تتضارب مصالح الأفراد، وأهواؤهم، فإنهم لابد أن تحدث الانقسامات، والتباین فیما بینهم، إن لم ینته ذلك إلى التدابر والتناحر، وإلى التهاتر، والجدال والقتال..


ومن ذلك كله.. نعرف: أنه یفترض فی أی باحث یرید دراسة حیاة الأمم والمجتمعات والشعوب والفئات، ولكی یحصل على نتائج أقرب إلى الواقع أن یبحث فی تركیبة ذلك المجتمع أو تلك الفئة، ویرصد كل تلك الحالات فیه وفیها، بدقة وأناة.


وذلك هو ما حدانا إلى الإشارة هنا إلى نبذة توضح لنا التركیبة الاجتماعیة، والفئویة للخوارج، ولسوف یتضح: أن تأثیر هذه التركیبة لم یزل یظهر بوضوح فی مجمل مواقفهم، وحركاتهم، وحالاتهم، حتى












الصفحة 126


بالنسبة إلى تعاملهم مع بعضهم، فضلاً عن تأثیر ذلك فی عقائدهم، ومفاهیمهم، وفكرهم، وفقههم، وأدبهم، وغیر ذلك..


فإلى ما یلی من مطالب..


العمریون و«الخوارج»:


قد تقدم فی بعض الفصول: أن «الخوارج» كانوا معجبین جداً بالخلیفة الثانی عمر بن الخطاب، وكانوا یعظمونه أشد التعظیم، وقد أعلنوا فی النهروان لعلی وأصحابه بالقول: لسنا متابعیكم أو تأتونا بمثل عمر بن الخطاب..


ولعل هذا القول قد صدر من عرب «الخوارج». الذین نالوا فی عهد عمر ما لم یكن یخطر لهم على بال فی مجال التفضیل على سائر القومیات، والانتماءات..


وقد وجدوا فی تاریخهم معه: أنه یأمر عامله على الكوفة بأن یقرب دار ابن ملجم من المسجد، لیعلم الناس القرآن.. وابن ملجم هذا هو قاتل علی أمیر المؤمنین (صلوات الله وسلامه علیه).. فهو إذن یتعاطف مع هذا المبغض والحاقد على علی (علیه السلام) كما أن هذا الخلیفة بالذات هو الذی هاجم علیاً وزوجته، فاطمة الزهراء (علیها السلام)، بنت رسول الله (صلى الله علیه وآله)، وأسقط جنینها، وأهانها، وضربها الأمر الذی انتهى باستشهادها (صلوات الله وسلامه علیه)ا..


فلا عجب بعد هذا إذا رأیناهم یتعاطفون مع ذریة عمر، وتتعاطف ذریة عمر معهم، حتى أن ولده عبد الله بن عمر كان یصلی خلف نجدة












الصفحة 127


الحروری، والحجاج..


وقد بایع أحد أحفاد عمر، الضحاك بن قیس الخارجی، وبقی والیاً على واسط من قبل الضحاك هذا(1).


وقد مال عبد الله بن محمد [حفید عبد الله بن عمر]، وابن حفید عمر بن الخطاب إلى «الخوارج» أیضاً(2).


فیا سبحان الله ـ ذریة بعضها من بعض!!


تعقیب على سیاسات عمر العنصریة:


ومن المعلوم: أن عمر بن الخطاب قد انتهج سیاسات خاصة تجاه غیر العرب.. تتمثل فی تفضیل العرب علیهم فی مختلف الجهات.. ومنها العطاء، والإرث، والزواج، والمناصب، وحتى فی الصلاة، والعبادة ثم فی تشییع جنائزهم بعد موتهم.. وما إلى ذلك..


وقد لاقت هذه السیاسات رضى لدى العرب، الذین أحبوا عمر لأجلها، وانقادوا له واتخذوه مثلاً أعلى، وأصبح قوله وفعله فیهم كالشرع المتبع، بل ویؤوّل الشرع والدین لیتوافق مع ما یریده عمر، أو یمیل إلیه..


وقد أوضحنا هذه السیاسات بصورة معقولة ومقبولة فی كتابنا: «سلمان الفارسی فی مواجهة التحدی»، فلیرجع إلیه من أحب التفصیل.


____________



(1) الخوارج والشیعة ص102.


(2) الخوارج والشیعة ص109 عن تاریخ الأمم والملوك ـ ط لیدن ج2 ص1012.













الصفحة 128


ولأجل هذه السیاسات وما نشأ عنها رجحنا أن یكون «الخوارج» الذین أحبوا عمر، وعظموه، هم خصوص العرب منهم.. أكثر من الموالی، الذین لم یكن لهم أی شأن فی حكومة الذین سبقوا أمیر المؤمنین (علیه السلام)، وكانوا محرومین من أبسط حقوقهم.


«الخوارج» عرب وموالی:


ومهما یكن من أمر.. فإن ملاحظة تركیبة «الخوارج» تعطینا: أنهم كانوا فی وقت ما خلیطاً من الأعراب والموالی: «والموالی أشجع الخوارج، وأشدهم جسارة»(1) ولعل ذلك یرجع إلى حالة نفسیة نشأت عن معاملة الفاتحین والمتسلطین للموالی قبله (علیه الصلاة والسلام). حیث كانوا یحتقرونهم، ویحرمونهم من أبسط الحقوق..


وعلى كل حال: فقد خرج أبو مریم على أمیر المؤمنین (علیه السلام) «فی أربع مئة من الموالی والعجم، لیس فیهم من العرب إلا خمسة من بنی سعد، وأبو مریم سادسهم، فقضى علیهم أمیر المؤمنین، ولم یسلم منهم سوى خمسین قد استأمنوا إلیه، وأربعین من جرحاهم، داواهم أمیر المؤمنین (علیه السلام)، وأطلق سراحهم»(2).


بل لقد زعم الیزیدیة ـ وهم شعبة من الإباضیة، كما یقال ـ: «أن الله تعالى سیبعث رسولاً من العجم، وینزل علیه كتاباً قد كتب فی السماء. وینزل علیه جملة واحدة، ویترك شریعة المصطفى.


وهم یتولون المحكمة الأولى، والإباضیة، ویبرؤون من غیرهم من


____________



(1) تاریخ الیعقوبی ج2 ص262 وراجع: الكامل لابن الأثیر ج3 ص373.


(2) أنساب الأشراف ـ بتحقیق المحمودی ج2 ص486 وراجع: البحار ـ ط قدیم ج8 ص570 والكامل لابن الأثیر ج3 ص373 ونسب قریش لمصعب الزبیری ص486.













الصفحة 129


الخوارج»(1).


عصبیة العرب «الخوارج» ضد إخوانهم:


ومراجعة التاریخ تعطینا: أنه قد كان بین هذین الفریقین من «الخوارج» ـ العرب والموالی ـ منافسة قویة، وعصبیة عرقیة طاغیة، إلى درجة أنها تسببت بمشاكل كبیرة فیما بینهم.


ویكفی أن نذكر: أن الحرب التی دارت بین قطری بن الفجاءة ومن معه من العرب من جهة، وبین عبد ربه الصغیر، ومن معه من القراء، وجلّهم من الموالی والعجم، وكان منهم هناك ـ أی فی مدینة «جیرفت» ثمانیة آلاف ـ من جهة آخرى..


إن هذه الحرب قد أسفرت عن ألفی قتیل، وانتهت بإخراج العجم للعرب من مدینة «جیرفت». وأقام عبد ربه بها، كما سیأتی فی ما یلی من فصول(2).


وقد یستفاد من بعض النصوص: أن عصبیة العرب لجنسهم، كانت أشد وأعمق، وكانوا یحتقرون الموالی إلى درجة كبیرة(3). والظاهر أن سبب ذلك هو شدة تأثیر سیاسات الخلیفة الثانی فیهم، حیث كانوا یحترمونه، ویقدرونه كثیراً كما قلنا.


ومن شواهد ذلك ما روی من أن رجلاً من الموالی خطب امرأة


____________



(1) الملل والنحل ج1 ص136 ومقالات الإسلامیین ج1 ص171 والفرق بین الفرق ص279 والحور العین ص175 وستأتی إنشاء الله مصادر أخرى.


(2) ستأتی مصادر عدیدة لذلك، وراجع: الكامل فی الأدب ج3 ص393 وشرح نهج البلاغة للمعتزلی ج4 ص204.


(3) راجع: فجر الإسلام ص262 أیضاً.













الصفحة 130


خارجیة، فقالوا لها: «فضحتنا»(1).


وقد أنكر قطری بن الفجاءة أن یكون قد أفسد ابنه بشیء من هذه الأعاجم، ومن هذه السبایا، وقال مخاطباً جرموز المازنی: «معاذ الله، أمه الوجناء بنت الجبناء..


ثم قال: یا جرموز، إن به العلامة التی بنا أهل البیت»یعنی الوضح(2).


وربما تكون عبارته الأخیرة تشیر إلى وجود شك فی انتساب ولده إلیه كما لا یخفى.


الهمج والرعاع فی «الخوارج»:


ومن جهة ثانیة: فقد كان «الخوارج» حشوة، ومن رعاع الناس، ومن العبید..


فقد قال جاریة بن قدامة لأبی مریم: «ویحك، أرضیت لنفسك أن تقتل مع هؤلاء العبید؟! والله، لئن وجدوا ألم الحدید لیُسْلِمُنَّك»(3).


وحینما أخرج عبد ربه الصغیر قطریاً من جیرفت، وصار بإزائهم، قال عبیدة بن هلال لقطری: «إن أقمت لم آمن، هذه العبید علیك»(4).


كما أن المهلب بن أبی صفرة، الذی حارب «الخوارج» فی عهد الزبیریین والأمویین على حد سواء، قد «دسّ الجواسیس إلى عسكر «الخوارج»؛ فاتوه بأخبارهم، ومن فی عسكرهم؛ فإذا حشوة(5) ما بین


____________



(1) راجع: فجر الإسلام ص262 والخوارج عقیدة وفكراً وفلسفة ص69 عن مقالات الإسلامیین ج1 ص161و162 وفیه: أن ذلك هو سبب الخلاف الذی أحدثه نافع بن الأزرق.


(2) البرصان والعرجان ص67و68.


(3) أنساب الأشراف [بتحقیق المحمودی] ج2 ص486.


(4) شرح نهج البلاغة للمعتزلی ج4 ص204 والكامل فی الأدب ج3 ص293.


(5) الحشوة: رذال الناس.













الصفحة 131


قصّاب، وصباغ، وداعر، وحداد؛ فخطب المهلب الناس؛ فذكر لهم من هناك، وقال للناس: أمثل هؤلاء یغلبونكم على فیئكم؟»(1).


وقال المهلب لعسكره فی خطبة له أیضاً: «.. فألقوهم بجدٍّ وحد، فإنما هم مهنتكم وعبیدكم، وعار علیكم الخ..»(2).


ولما اختلف أمر الخوارج، قال المهلب لأصحابه فی جملة كلام له: «.. وإنما بین أیدیكم عبد ربه فی خشارٍ من خشار الشیطان»(3).


ومما یصدق قول المهلب: أن زعماءهم كانوا من هؤلاء، فإن عبد ربه الصغیر، كان معلم كتاب، وعبد ربه الكبیر كان بائع رمان(4).


كما أن عبیدة بن هلال الیشكری، أحد زعمائهم، قد اتهم بامرأة حدادٍ كان یدخل علیها بلا إذن، فدبر هو وقطری بن الفجاءة الحیلة للخلاص من الورطة، فكان لهما ما أرادا(5).


فإذا كان الزعیم الكبیر فیهم یتهم بامرأة حداد، فلابد أن یكون المحیط الذی یعیش فیه لا یستغرب ولا یأبى دخوله على بیت الحداد فیهم، فقد یدل ذلك على أن قیادییهم كانوا فی مستویات لا تبتعد كثیراً عن مستوى الحداد، وبائع الرمان.


وحینما أرسل أمیر المؤمنین (صلوات الله وسلامه علیه) معقلاً لقتال


____________



(1) الكامل للمبرد ج3 ص314 وشرح النهج للمعتزلی ج4 ص147.


(2) الكامل للمبرد ج3 ص316 وشرح النهج للمعتزلی ج4 ص148.


(3) الكامل للمبرد ج3 ص395 والعقد الفرید ج1 ص223 وشرح النهج للمعتزلی ج4 ص206.


(4) شرح النهج للمعتزلی ج4 ص204.


(5) راجع: الكامل للمبرد ج3 ص391 وشرح النهج للمعتزلی ج4 ص203 وقد ذكرنا هذا الحدیث فی فصل زهد الخوارج.













الصفحة 132


الخریت الخارجی، قال معقل لمن معه: «وأبشروا فی قتالكم بالأجر، إنما تقاتلون مارقة مرقت من الدین، وعلوجاً كسروا الخراج، ولصوصاً، وأكراداً»(1).


ویقول المؤرخون:


«اجتمع على الخریت الناجی علوج من أهل الأهواز كثیر، أرادوا كسر الخراج، ولصوص، وطائفة أخرى من العرب، ترى رأیه، وطمع أهل الخراج فی كسره؛ فكسروه، وأخرجوا سهل بن حنیف من فارس الخ»(2).


وقد تحدثنا فی فصل: «زهد الخوارج حقیقة أم خیال» عن أطماع الخوارج، وتأثیرها فی اندفاعهم فی الحروب، واتخاذ المواقف القویة والصارمة.. كما أن فی سائر فصول الكتاب شواهد أخرى تدل على واقع الخوارج، وحقیقة تركیبتهم، ومستویاتهم الفكریة، وطموحاتهم..


لحقوا بـ«الخوارج» فراراً من الحجاج:


وقد انضم إلى شبیب فی بعض البلاد ناس كثیرون، بعضهم كان الحجاج یطلبهم بمال، أو تباعات [ثارات](3).


تركیبة «الخوارج» عند الجاحظ:


قال الجاحظ: «العلة التی عمت الخوارج بالنجدة، استواء حالاتهم فی


____________



(1) البدایة والنهایة ج7 ص318 وراجع: تاریخ الأمم والملوك ج4 ص95.


(2) الكامل فی التاریخ ج3 ص367 وتاریخ الأمم والملوك ج4 ص93.


(3) الخوارج والشیعة ص94.













الصفحة 133


الدیانة، واعتقادهم أن القتال دین؛ لأننا حین وجدنا السجستانی، والخراسانی، والجزری، والیمامی، والمغربی، والعمانی، والأزرقی، منهم والنجدی، والإباضی، والصفری، والمولى والعربی، والعجمی والأعرابی، والعبید، والنساء، والحائك والفلاح.. كلهم یقاتل مع اختلاف الأنساب، وتباین البلدان، علمنا: أن الدیانة سوّت بینهم، ووفقت بینهم فی ذلك»(1).


ونحن لا نوافق الجاحظ على زعمه: أن الدیانة هی الباعث لهم على القتال، فإن الوقائع قد أثبتت: أن المطامع والأهواء قد كان لها تأثیرها القوی فی اندفاعهم فی الحرب. بالإضافة إلى التهور والحماس من قبل أحداث تغرهم الشعارات البراقة، وتستهویهم المظاهر الخادعة، ویهتمون باتخاذ المواقف الحادة.


ولیس لدیهم أحلام أی عقول تهیمن على سلوكهم، وتحدّ من طغیان الهوى، وتغلب دواعی الهیاج، ولا توجد حدود وضوابط تحكم تصرفاتهم، وتضبط مواقفهم، وترشد حركتهم.


وتقدم وسیأتی بعض الحدیث عن شجاعتهم إن شاء الله تعالى.


خلاصة لما سبق:


وبعد.. فإننا إذا أردنا تلخیص ما تقدم فی نقاط جامعة، فإن النتیجة تكون هی أن «الخوارج» كانوا خلیطاً من فئات شتى، ویمكن أن نجملها على النحو التالی:


وفقاً لما جاء فی النصوص المتقدمة:


1ـ عرب.


____________



(1) رسائل الجاحظ ج1 ص51.













الصفحة 134


2ـ عجم.


3ـ موالی.


4ـ عبید ومهنة.


5ـ حشوة من الناس، ما بین قصاب.


6ـ وصباغ.


7ـ وداعر.


8ـ وحداد.


9ـ خشار.


10ـ معلم كتّاب.


11ـ بائع رمان.


12ـ علوج.


13ـ لصوص.


14ـ أكراد، سجستانی، خراسانی، جزری، یمانی، مغربی، عمانی، والخ..


15ـ شباب أحداث.


16ـ أعراب جفاة.


17ـ مطلوبون بمال.


18ـ مطلوبون بثارات.


19ـ حائك.


20ـ فلاح.












الصفحة 135